القائمة الرئيسية

الصفحات

 لا أحد مثلي سعيد في هذا اليوم

لقد جرّبت طعم الشّماتة لأوّل مرّة في حياتي، وكم هو لذيذ .


لطالما في عثراتي توقّفت وتأمّلت وتساءلت لماذا، وفهمت دوما بإلهام إلهيّ أنّها طريقي نحو الحكمة والرّقي الرّوحي. أمس وأنا واقفة لساعات في شوارع أوّل ماي أنتظر سيّارة أجرة أو أيّة وسيلة نقل أخرى، رفعت رأسي للسّماء وقد تزلزل قلبي بالأسى على نفسي العظيمة المشرّدة في زمن متخلّف ليس زمانها، نزلت دموع باردة غصبا عنّي في الوقت الذي علا فيه صوت الأذان، قلت: يا رب.. وفقط كعادتي
ثمّ أضفت عليها، لمّا رأيت العجوز المحني ظهرها تبحث عن أحد يقلّها إلى القبّة، الحافلات توقّفت عن العمل على الخامسة، من لديها حبيب أو صديق اتّصلت به على الأقلّ ليقف حارسا عليها ريثما تجد سائق أجرة يتحنّن عليها بكورسة مضاعفة السّعر إلى أربع مرّات ضعف سعر العدّاد. رجال الشّرطة يرون هذا وأكثر يكتفون بالدّوران محميّين في سيّاراتهم من الشّبيبة المتحزّمين بالعلم الوطني ويمشون أفواجا ينذرون بالرّعب، هم مخيفون حتّى في استعدادهم للفرح. أحدهم لاحق فتاة وبهدلها وهو يناديها يا خمسين الف ويقصد ورقة 500 دج، أيّتها الكلبة صاحبة الفيزو الجلديّ، هو وأبناء الكلاب الآخرين الذين كنت أبدو لهم حبّة حلوى لم أسلم من نظرات ولسان ولا واحد منهم، لم أتعرّض لهذه القذارة من قبل، هذا لا يحدث إلّا في العاصمة.
أرسل لي الله بعد ساعات من الوقوف والخوف سيّارة أجرة، قلت له أوصلني وسأدفع لك الثّمن الذي تريد، فقال لي: ها الهدرة أيّا اركبي .
لم أكن أعلم أنّه يوم مباراة، وإلّا لما خرجت من البيت أصلا، فنحن دولة تتوقّف كلّ مؤسّساتها على كرة جلد، لقد حزن الجميع على بالماضي الجالس يبكي ولم يحزنوا على الجزائر الغارقة في الخراء. نحن العلماء الذين ترتكز عليهم الأمّة نبلع المرارات كؤوسا متتابعة لحظة بعد أخرى، والشّعب حزين على لاعبين يحصدون الأموال الطّائلة من ركضهم خلف كرة، حتّى البكاء في مقام مثل هذا هو مدعاة للبكاء والرّثاء والعار، وأنتم تخسرون لأنّكم باختصار تستحقّون ذلك، لأنّكم شعب استحققتم بتخلّفكم الإنساني والأخلاقي والفكري أن تأكلوا التّبن وليس من نصيبكم الفاكهة، كرة القدم هي تحلية الدّول التي عواصمها لا تتعطّل على الثّالثة بعد الظّهر لأجل مباراة.
جيراني في الشّقة العلويّة الذين يتصبّحون كلّ يوم على ضرب أولادهم كأنّ صراخهم هي عادة السّاعة السّابعة، أمس كانوا يهتفون ويهلّلون وهم حتما مجتمعون أمام التّلفاز. رفعت رأسي إلى الله الرّفيع في روحي، وقلت له يا ربّ، ما رانيش بنت بن يخلف إذا ربحوا ، لا يعقل أن تبقى العجوز المنحنية في محطّة أوّل ماي جالسة على الرّصيف ، وهذا الكلب المسعور الذي فوق يحتفل راقصا في الشّوارع .
لم أيأس حين سمعت بالهدف الثّاني ، كاد الوقت ينتهي ، لكنّ الله العادل الذي لم يخذلني مطلقا ، أرسل لكم الخذلان الذي تستحقّون أيّها الخنفشاريّون في الوقت الضّائع .
ارتقوا يا بني آوى إلى بني آدم أوّلا.
لمّا يقول لي ابني أنّه يريد أن يصبح طيّارا ، يجيبه صوت داخلي ، هذا إن رحلنا إلى العالم الآخر ولو شاء الله وبقينا هنا، لا تصبح أبدا إلّا لاعب كرة ، حينها إذا خسرت ستبكي آمنا وتنتقم لدموع أمّك العالمة ، وسيبكي معك الجميع الجهلاء والأغبياء والسّوقة والدّهماء والعلماء أيضا والوزراء ورئيس الدّولة وستتعاطف معك حتّى السّماء ، لأنّها الجزائر التي ليست في قصص النّوم .

نُسيبة عطاء الله .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات