الإهانة رئاسية والاعتذار وزاري .
يقولون أن وزير
خارجيته ، إعتذر بالنيابة عنه ، مصرحا أن رئيسه ماكرون ، كلفه بأن يبلغ الجزائريين
، بإحترام سيادة دولتهم ، كما أنه يحب الشعب الجزائري ، على طريقة بحبك يا لبنان ،
و في هذا المنوال و السياق العام ، لتبادل الشفرات الغرامية ، فقد ذكر ماكرون على لسان
وزير خارجيته طبعا ، أن فرنساه تحترم سيادة الدولة الجزائرية ..
جميل و لكن ..
أولا :
الإعتذار كمفهوم
عام ، فعل جميل ، لكن الأكثر قيمة من الإعتذار ذاته ، أن يكون في مستوى الخطأ و الخطيئة
التي أرتكبت ، و الملاحظ في إعتذار فرنسا ، أن ماكرون أهاننا بلسان رئيس و إعتذر لنا
بلسان وزير، وهذه في حد ذاتها .. إهانة أكبر من سابقتها و رب ندم أقبح من خطيئة ، و
الرسالة التي يمكن أن يفهمها أي بليد في العلاقات الدولية المبنية على الإحترام المتبادل
و ليس على نظرة الإستعلاء ، أن بعل_أمه ، أراد أن يرقع إهانته الرئاسية بإعتذار وزاري
، يجفف غضبنا و صراخنا ، و لسان حاله لشعبه و للناخبين الذين غازلهم على حساب تاريخنا
، أن هؤلاء لا يستحقون أكثر من تصريحات وطبطبة إعلامية من وزير أو حتى مير ليمتصوا غضبتهم ، و كأنك يا
ماكرون ما سببت و لا أهنت . !
أليست هذه هي القراءة الحقيقة لإهانة رئيس يطفئها إعتذار وزير؟!
ألا يشبه الأمر
، كبير حي ، كلف خادمه بتوزيع الحلوى على صغار جيران بعد أن شتم الراصة نتاعهم الأولى
و مرمدهم أمام الناس ..؟
هل هنالك معنى
آخر في علم السياسة لإعتذار وزاري عن خطيئة رئاسية ، غير أن ماكرون أراد تطييب خاطرنا
عن طريق وزيره ببضع حبات كابريس يوزعها علينا موظف بسيط عنده ، ليسترضينا و هو ينقل
عن لسان كبيره الذي شتمنا ، أنه لم يقصد ما قال و أننا نحن من فهم الأمر خطأ و أعطى
تأويلات لم يكن " سي السيد " يقصدها!
لينهي الخادم أو الموظف عملية الطبطبة على غضبنا ، بدس حبات كابريس في أيدينا و هو يردد : كبرو خاطركم
.. المعلم كان يدير في البولتيك فقط .
هذا عن أولا .. أما ثانيا و ثالثا و عاشرا ..
فالإعتذار حتى في عرف العاشقين له ثمن
قد يكون قنينة عطر أو باقة ورد ، وهنا و على فرض أن ماكرون إعتذر بلسانه و ليس
بلسان وزيره وذلك في حالة كنا الرجال الذين
لا يتنازلون عن حق أمة في رد الصفعة فإن المنطق يلزمه بدفع ثمن أو دية الخطيئة ، وخاصة أن خلافنا مع ماكرون ليس على حفلة
ختان ، نسينا أن ندعوه إليها ، و لكن عن " تاريخ " و" وجود " و
" أصول " و" شهداء " أمة ، و ما إقترفه ذلك الماكرون في حقها ،
لا يمحوه إعتذار أو دغدغة هاتفية لمشاعرنا ، و لكن دية .. ثمن .. و الثمن هنا ، ولكي يثبت
ماكرون توبته و ندمه و "حنة_يديه "
ليس نياقا كعادة أجدادنا القحاح ، و لكن طلب رسمي ، رمته فرنسا في سلة المهملات
تقليلا من شأن الجزائر التي قال اليوم وزير خارجية ماكرون أن فرنساه تحترمها ، و يتمثل
ذلك الطلب في " خنازير الماك " التي
عاثت فسادا في زرعنا من مرعى باريسهم ، و ذلك
بعد أن حصنها و حماها و وفر لها العلف ، راعيها الفرنسي أو الماكروني ..
هنا يتجسد الاعتذار
فعلا وقولا...
القضية الآن أخذ
ورد و " الإحترام " ليس كلمة تقولها لي ، لتطيب خاطري و لكنه فعل ملموس يجب
أن أراه أمامي واقعا وموقعا .. فالإهانة أكبر من أن تمحى بلسان رطب و بعبارات و تصريحات
إعلامية لطي الصفحة ، فالصفعة تاريخ ووحده من لا يمتلك تاريخا ، من لا يعي أن التاريخ
عرض و أرض، و الأرض و العرض عند الشرفاء يراق
على جوانبهما الدم ..
خاتمة القول... اعتذار فرنسا و اقرارها ، أنها " تحترمنا " ، دون تقديم .. ما يجسد ذلك على المستوى العملي ، "إهانة" أكبر من من الإهانة الأولى . و قبولنا إعتذار بالشكل الذي يريده ماكرون عبر لسان وزيره ، سيكون " العار " الذي يطارد كل من يوافق عليه اليوم و بعد مليون سنة .
بقلم الإعلامي : أسامة وحيد
تعليقات
إرسال تعليق
نسعد بتعليقك .. لأنك رأيك يهمنا